الجمعة، 11 يونيو 2010

على الأرجــــــوحة













على الأرجــــــوحة 


 الهواء البارد يقشعر جسدي ، و الهدوء النسبي يجلب لي الاسترخاء ، جلست على الأرجوحة وتأملت المنتزه ، رفعت عيني إلى السماء : ياااه ما أكثر هذه النجوم سبحان الخلاق أتمنى أن أطير لها ، أسرعت بأرجوحتي وتخيلت أنني أحلق و أعانق النجوم و امتطي الشهب ، تمنيت أن تطول فترة بقاء عائلتي في المنتزه الذي كان مرتبا جدا و به طاولات بلاستيكية ملونه متفرقة مع كراسيها.


       قطع تخيلاتي تلك الفتاه الصغيرة ذات الرداء الزهري و الشعر المجدول ، تأملتها لقد كانت وحيده مع عائلاتها الظاهر أنهم عائلة صغيرة ليس لديهم طفلة سواها ، تأرجحت هي الأخرى في أرجوحة صغيرة كأنها مفصله لها ، لقد كانت فتاه مبتسمة تكلم نفسها و تبتسم ، لم أستطع أن أسمعها لكنني ابتسمت معها ، منظرها رائع جدا الهواء اخرج بعض الخصلات من شعرها فأصبح منظرها حيوي أكثر ، لقد أطلقت عليها اسم الفتاه الوحيدة. في ناحية أخرى ظهرت فتاه أخرى بقبعة زرقاء صوفية لا تتجاوز السادسة من العمر ، تلعب اليويو وهي من المؤكد أنها لا تعرف كيف تلعب بها ، لقد كانت تقف في وسط المنتزه و عينيها مسمرتان على لعبتها ، لقد كانت تطلقها في الهواء بعشوائية فيلتف حول يديها الخيط وعندما تحاول فكه عنها يلتف حول يديها الأخرى منظرها مضحك جدا يا لها من طفلة .


      خففت من ترجحي بعد أن لفت انتباهي سرب كبير من الشباب معهم كرة ، أزعجوني و قطعوا استرخائي ، يا لهم من فتية ! لكن يظل المنتزه من الممتلكات العامة ، لا بأس من الطبيعي أن يكون هكذا ، تأملت أحدهم ذو الرداء الأبيض حركاته بالكرة ملفته وكأنها راقصة مدللة بين يديه يحركها من جانب لآخر برشاقة وكأنها عشيقته الهاربة فيتلقفها قبل أن تبعد فتعود ، ألتم حوله باقي الفتية و لعبوا وتعالت أصواتهم ، لقد اكسبوا المكان بجنون الحياة ، لقد استمتعت بالنظر إليهم .


 نادتني أمي حينها وقطعت التأمل قليلا فيما حولي ، وسرعان ما سمعت صرير أرجوحتي الخافت يناديني ويقول : تعالي هناك المزيد .. تعالي انظري في مناظر نراها يوميا هنا .. تعالي شاركيني مشاهدتي الصامتة . جلست مرة أخرى لأجد عدد الحاضرين زاد كثيرا ، وأصبح مزعجا للغاية ، فتيات صغيرات مشاغبات ، وصبيان كثيرو الحركة ، كل واحد منهم يجري وراء الآخر ببخاخات الثلج المصطنع و يضحكون بصوت مرتفع ويزعجون الأطفال الآخرين


هنا ظهرت الفتاة الوحيدة ذات الرداء الزهري مره أخرى ، وقد امتلكت واحدا مثلهم وأخذت تلعب مع نفسها ، و تنظر إلي وتبتسم ، اقتربت مني وقالت بصوت حاد هادئ ورقيق : انظري لدي الكثير من الثلج أليس جميلا . نظرت إليها بشفقة ولا أعلم لم ! ، و ابتسمت من فوري و حولت نظرتي إلى حماس لكي أسعدها، و أيدتها بصمت . قطع عليها سعادتها ذلك الصبي الذي أخذ منها ثلجها الذي جمعته ، ووضعه على رأسه ، وأخذ يسير بنشوة ، كان شكله مضحك جدا وكأنه يحمل برجا مصغرا فوق شعرة البني الخشن ، وطبعا كانت رده فعل الفتاة الوحيدة الصمت و التبسم وكأنه لم يأخذ منها شيء و هربت بعيدا 


 مر من أمامي مجموعة الفتيات المشاغبات وبد أن تحول المنتزه إلى خرابه ، كل طاوله متسخة وكل مكان به أوساخ وقد قالت إحداهن بصوت مرتفع و قد بدت كأنها القائدة : تعالوا ندمر المنتزه. يا الله أذهلتني ... ندمر المنتزه !! لا أود أن أعلق لان كلماتها أكبر من أي تعليق .. ندمر..!!! نظرت إليها باشمئزاز و نظرت إلى أهلها وقد أحقرتهم جدا للأسف !


 فار دمي ... فقررت أن أسرع قليلا لكي أهدا عندما أشعر أنني محلقة بعدا عن هذا العالم ، أسرعت وأسرعت وتمنيت أن تظهر أجنحتي وأطيــر لكن ليت الأمنيات تتحقق لكنها مستحيلة. همست لي أرجوحتي وقد أحسست بكلماتها تهدئ من روعي : إهدي قليلا .. قريبا سترين كيف سينتقم المنتزه من العابثين .. توقفي عن التأرجح وتابعي النظر .


 نظرت للفتية أصحاب الكره وقد أصبح لعبهم عاليا جدا و أكثر حماسا ، ركلها ركله عالية جدا فدخلت داخل ساحات أحد المنازل ، وهدأ اللعب و اجتمع اللاعبون لكي يجدوا حلا ما . ونظرت للفتية والفتيات المشاغبون وكانت القائدة تجري في وسط المنتزه بانتصار، وكأنها ملكت العالم ، و داست على إحدى البخاخات الفارغة وسقطت على ظهرها و أخذت تبكي بصوت عالي فأجتمع حولها عائلتها وحملوها وذهبوا بها إلى السيارة. وقد هدأ أخيرا المنتزه من إزعاجهم . و الفتاة الوحيدة اختفت ولا أعلم إن كانت ذهبت أم اختفت . ضحكت أرجوحتي بانتصار وقالت : الآن تأرجحي .. وحلقي .




Hotmail: بريد إلكتروني قوي ومجاني ويتمتع بحماية Microsoft. احصل عليه الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق